تستعد أمةُ الإسلام لاستقبال نعمة عُظمى من نِعَم رب العالمين سبحانه وتعالى.. نعمة لم يُختص بها فردٌ أو قبيلةٌ.. بل هي تتنزَّل سنويًّا على سائر الأمة، والسعيد حقًّا من أحسن استقبالها.. تلك هي نعمة "رمضان"!!كيف وصف رسول الله- صلى الله عليه وسلم- تلك النعمة الغالية؟.. لقد روى الإمام أحمد والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما حضر رمضان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قد جاءكم شهر مبارك، افترض الله عليكم صيامه، تُفتح فيه أبواب الجنة، وتُغلق فيه أبواب الجحيم، وتُغَلُّ فيه الشياطين، فيه ليلةٌ خير من ألف شهر، من حُرِمَ خيرها فقد حُرِمَ".إن لرمضان في ميزان الإسلام ثقلاً خاصًّا؛ فما هو بالشهر العابر الذي يبدأ لينقضي.. بل هو ركنٌ أساسٌ من الأركان التي يرتفع فوقها بناءُ الإسلام الشامخ.. روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- أنه قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان".
سيقوم رمضان بثلاثة أدوار عظيمة الأهمية في الأمة، وهي: التنقية.. والتميُّز.. والتربية!!.. إنه ينقِّي صفَّ المؤمنين من الشوائب.. ويميِّزُه عن غيره من الصفوف.. ثم هو أخيرًا يربِّي المؤمنين على أمور لا بد منها لكي تصلح أمتهم لقيادة العالمين.
رمضان وتنقية الأمة الإسلامية
يمثِّل رمضان اختبارًا مهمًّا، تتم فيه وبعده "تنقية" الصف المسلم من الشوائب، ولا يكون الاختبار حقيقيًّا إلا إذا كان صعبًا، وكذلك اختبار رمضان الذي ترجع صعوبته إلى عدة أمور منها:
* أنه فَرض.. وطبيعة النفس الإنسانية أن تنفر من الفروض والتكاليف..
* ومنها أنه شهر كامل متصل.. والأعذار فيه محدودة..
* ومنها أنه خروجٌ على المألوف.. بترك ما يعتاده الإنسان- بل يحتاج إليه- من الطعام والشراب والشهوة، ولكن أصعب من كل ذلك أن تصوم صيامًا حقيقيًّا كما أراد الله عز وجل.. فليست المسألة تركًا للطعام والشراب والشهوة فقط.. ولكن الأمر أكبر من ذلك.. والاختبار أصعب من ذلك.. وهو أن يوجِّه رمضان حركةَ حياةِ الإنسان كلها (قولاً وعملاً وفكرًا وشعورًا وجوارحَ..) نحو مرضاة رب العالمين واجتناب محارمه.. وإلا فقد روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه شرابه".
رمضان وتميُّز الأمة الإسلامية
يعتبر تخصيص شهر رمضان بالصيام تمييزًا للأمة الإسلامية التي أرادها الله في منزلة خاصة.. وسطًا شاهدةً على الناس.. ذلك أن الرسول- صلى الله عليه وسلم- والمسلمين في عامهم الأول بعد الهجرة كانوا يصومون عاشوراء مع اليهود.. وكان ذلك اليوم فريضة عليهم.. كما روى البخاري ومسلم عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم فرأى اليهود تصوم عاشوراء فقال: "ما هذا؟" قالوا: يومٌ صالحٌ، نجَّى الله فيه موسى وبني إسرائيل من عدوِّهم فصامَه موسى، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "أنا أحق بموسى منكم فصامه، وأمر بصيامه"، فلما فُرض صيام شهر رمضان قال- صلى الله عليه وسلم- عن يوم عاشوراء: "من شاء صامه، ومن شاء تركه".. فأصبح صيامه نافلةً بعد ذلك.
رمضان وتربية الأمة الإسلامية
لم يكن من قبيل المصادفة أن يقترن شهر رمضان (من أول مرة صامه فيها المسلمون) بالجهاد في سبيل الله، ورفع راية الإسلام.. كما أنه ليس من المصادفة كذلك أن يبدأ هذا الاقتران بيوم الفرقان يوم بدر الذي منَّ الله به على المؤمنين في رمضان (2هـ)، وهو أول شهر تصومه أمة الإسلام، وكأنَّ الله عزَّ وجَلَّ يريد لهذه الأمة أن تفقه جيِّدًا دروس التربية الإيمانيَّة التي يربينا رمضان عليها.. ومن هذه الدروس:
أولاً: الاستجابة الكاملة لأوامر الله عز وجل بصرف النظر عن حكمة الأمر.. ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِينًا (36)﴾ (الأحزاب).
ــــــــــــــــــــــــــــــ
مقال للدكتور راغب السرجاني
2 عبرني:
تنقية...وتميز....وتربية
احلى كلام
فقط زد..(والجهل) على الحديث
من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل
ربنا يبارك فيك يا سمسم ويجعل من يعمل بما قرأ عندك فى ميزانك
جني
...
اللهم آمين
بجد انتو احسن ناس في حياتي
وربنا يجمعنا جميعاً في الجنة
ونشوفكم علي حقيقتكم
ونسعد بصحبتكم
وحالو يا حالو
إرسال تعليق