عيني عينك...!


النهاردة وانا في المترو ...

كان معايا أمي وأختي الكبري...

كنا سرحانين في امان الله...

وفجأة لمحت على وجوه الناس تعبيرات مختلفة...

ما بين ممتعض ومذهول ومشلوح الحواجب ومشخوص العينين...

بالتأكيد عاوزين تعرفو ليه...

عشان واحدة شابة شيك جدا وجوزها شاب أشيك وأشيك...

جالسة وعلى صدرها بيبي تبارك الخلاق...

وهي بتقوم بالمهمة الأزلية بتاعة اي أم...

بترضع...

شفتشي...

عيني عينك..

من الكولدير رأساً..

بدون سواتر...

وفي المترو...

بدون حساب لحد شايف ...

ولا حتى لشاب مش متجوز وجعان...

وجوزها عادي جدا ولا على بالو...

للعلم هما مش مسلمين...

بس انا اعرف ناس مش مسلمين وعندهم حياء...

واعتقد ان الحياء كان زمان أحد مفاخرنا العربية العريقة...

اللي جه الإسلام وأكد عليها...

يعني الحياء سمة إنسانية منذ الأزل...

عند المسلم وغير المسلم حتلاقيه موجود...

لكن انا حاسس ان خلاص في شوطة اليومين دول...

دايرة في البلد وبين الناس ...

شعارها اللامبالاة...

ودي أحد نتائجها...

إني أري..!

فرك الزمان كفه..

بعد السكوت..

وانبري ..

متمتماً..

في خفوت..

إني أري..

فى الأفق البعيد..

سواد متشح بالسواد..

يسرع الخطى..

في مشهد جنائزي..

يحمل التابوت..

يكفن الكلمات..

يجر ثوب الحداد..

ينتزع الحياة..

من ثقوب الموت..

والشتات..

* * *

ثم توقف..

أخذ نفسا عميقاً..

وأطلق زفرة..

من صدره..

المكبوت..

وانبري ..

متمتماً..

في خفوت..

إني أري..

أسداً باسماً..

رغم الجروح..

مكبلاً في جدار..

زنزانة..

في مكان سرمدي..

تحت بحر لُجي..

من الظمأ..

يغشاه بحر ..

من الأمل..

يعصره بحر ..

من القهر..

والجبروت..

أو ربما..

من اللامكان..

يأتي الصوت..

صوت إمرأة..

شاحبة..

تجلس باكية..

وفي كفها..

حطام فرح..

وبقايا حلم..

والوشم غائر..

بلون الشفق..

على جدار..

الحرية..

يقول:

لن تلد ولن تولد..

وعبثاً..

لم تعطها الأقدار..

تذكرة للعبور..

من تحت أنقاض..

الحياة..

إلى حدائق..

الموت..

* * *

ضم كفيه..

وزوى حاجبيه..

وصمت قليلاً..

وانبري ..

متمتماً..

في خفوت..

إني أري..

ألف مليار ظالم..

وحاكم..

في ساحة الرهبة..

صامتين..

عن أيمانهم..

ملعونين..

عن شمائلهم..

ملعونين..

جميعهم..

ووكلائهم..

والمصفقين والمهللين..

والمزورين إرادة الشعب..

وزمرة الناخبين..

ملعونين..

وكل أخرس..

من الشياطين..

ملعونين..

القيد حول اعناقهم ..

يضيق ..

والنار تكتم غيظها..

في ضيق..

غضبى ترمقهم..

وعين اللهب..

تضيق..

تسترق..

ذلتهم..

بعد قوتهم..

تلعقهم..

تتذوقهم..

ودخان الظلم..

المالح..

من قيح بطشهم..

يفوح..

وهم يلهثون..

في رعب..

وتوسل..

مبحوح..

* * *

تراجع إلى الوراء..

وأغمض جفنيه..

وبحسرة..

انبري ..

متمتماً..

في خفوت..

إني أري..

شعبا جمعه مطر..

وطرحه مطر..

وغضبته رذاذ..

من مطر..

الشمع الأحمر على الشفاة..

يتربع في أمان..

بعد ان خرس اللسان..

وهو يرتجف..

يسبح بالرضى للقضاء..

والقدر..

رغم الخطر..

والنار من حوله تقترب..

والشريان من الوريد..

ينقطع..

والحزن غائر..

في دمعة طفل..

يرتجف حائر..

تحت زخات المطر..

رغم الخطر..

وطعم الموت..

في حلق المذياع..

ونشرات الجزيرة..

تغني موال الألم..

ياليل الخطر..

يا عين الخطر..

صدق الوعد..

والمكتوب..

والوطن قد انشطر..

وصوت المؤذن..

في بغداد ..

قد انشطر..

وشريان الروح..

في وادي النيل..

قد انشطر..

ومسري الأنبياء..

في القدس..

قد انشطر..

ياليل الخطر..

يا عين الخطر..

الكل في خطر..

الشمع الأحمر على الشفاة..

واللسان لا زال يرتجف..

يسبح بالرضى للقضاء..

والقدر..

رغم الخطر..

* * *

سألته في ألم..

وعبرتي تختنق..

عن الأمل..

ومجئ الفجر..

هل يُحتمل..

رمقني طويلاً..

وانبري ..

متمتماً..

في خفوت..

عذراً بني..

في الأفق البعيد..

أرى غريب..

تُراوحه عاصفة ..

من تراب..

أو هو وهمُُ..

و سراب..

عذراً بني..

كلاب الليل..

تفتش عن الفجر..

تنهش الأزقة ..

والطرقات..

تكمم الأفواه..

تصادر الفرح..

تنبح في وجه..

الصبح..

تعتقل صبية..

تفقأ عين دميتها..

حتى لا تري..

عذراً بني..

لستُ متأكداً..

أني الأن..

أرى..!!

الحكومة المستبدة

يقول (الكواكبي) في كتابه طبائع الاستبداد و مصارع الاستعباد :

الحكومة المستبدة تكون طبعاً مستبدة في كل فروعها من المستبد الأعظم إلى الشرطي..

إلى الفرّاش ..

إلى كنّاس الشوارع ..

و لا يكون كل صنف إلا من أسفل أهل طبقته أخلاقاً ..

لأن الأسافل لا يهمهم طبعاً الكرامة و حسن السمعة إنما غاية مسعاهم أن يبرهنوا لمخدومهم بأنهم على شاكلته ..

و أنصار لدولته ..و شرهون لأكل السقطات من أي كانت و لو بشراً أم خنازير ..

آبائهم أم أعدائهم ..

و بهذا يأمنهم المستبد و يأمنونه فيشاركهم و يشاركونه ..

و هذه الفئة المستخدمة يكثر عددها و يقل حسب شدة الاستبداد و خفته ..

فكلما كان المستبد حريصاً على العسف احتاج إلى زيادة جيش المتمجدين العاملين له المحافظين عليه ..

و احتاج إلى مزيد الدقة في اتخاذهم من أسفل المجرمين الذين لا أثر عندهم لدين أو ذمة ..

و احتاج لحفظ النسبة بينهم في المراتب بالطريقة المعكوسة ..

و هي أن يكون أسفلهم طباعاً و خصالاً أعلاهم وظيفةً و قرباً ..

و لهذا لابد أن يكون الوزير الأعظم للمستبد هو اللئيم الأعظم في الأمة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تحديث:أكثر من مائة عام مرت على ما قال الكواكبي ..

وللعلم فقد مات مقتولا بالسم في القاهرة التي دفن فيها في 1902 م..

ما الذي تغير إذن؟!

ولماذا العجب من نتائج انتخابات مجلس الشعب 2010..؟!

خد على قفاك