الحياة بدون كاتشاب..!


اتجهت صوب إحدى سيارات الميكروباص من عند اعتاب الهايكستب - منو لله - بعد يوم شاق تلاشى في إستخراج بدل فاقد من شهادة تأدية الخدمة العسكرية..لزوم جواز السفر..أنظر الى الساعة وامسح حبات الملح المتدافعة نحو جفوني..
أهمس في نفسي: لازال الوقت مبكراً على حفلة يا مراكبي..
أنا: رمسيس يا اسطي..
الأسطى قاطعاً نداؤه: أيون يا استاذ..جاي ولا الدور اللي جاي..
مشمئزاً من سماجته قلت: لخص كام أجرتك..؟!
الأسطى مشيحاً بوجهه: تلاتة جنيه يا بيه..نفر رمسيس رمسيس..نفر نفر..رمسيـ..!
تذكرت نصيحة زوجتي بالاقتصاد بعد الزواج- وعلى غير العادة- عبرت الطريق المقابل لأستقل سيارة أخرى "سرفيس" أقل تكلفة..
واصلت الصياح مهرولاً ولاهثاً خلف الميكروباصات المسرعة: رمسيـ..يسسسسـ..يا اسطـ..ااااااااا.؟!
لا أظن أنهم سمعوا استغاثتي وهم يمرقون بسرعة كبيرة..
تحسرت على الميكروباص أبو تلاتة جنيه وهو يتحرك أمامي..
وشعرت بأن السيارة تخرج لي لسانها..
وأن الفوانيس الأمامية بتلعب لي حواجبها..
ولكني تذكرت نصيحتها - رضى الله عنها- بالاقتصاد في المعايش..
ويجب أن أبدأ إتقان هذا الفن من الأن...!

***
يا مراكبي يقول:
أرى على البعد موظف المطعم وهو يجهز لي مزيدا من الكاتشاب ..
يبدوا عليه الإمتعاض بسببي ..
الشباب على البعد لعابهم يسيل ..
الواحدة والنصف بعد منتصف الليل ..
هل أدعوا الفتاة للركوب معنا لأنقذها مما سيحدث لها؟
زوجتي ستتهمني بالجنون بلا شك ...

***
سمسم يقول: رأيت سراب يقترب من بعيد..
ولاح لى ميكروباص ينهش الطريق بانيابه المستديرة..
اتجهت أقطع عليه سبيله في مشهد قد لا تراه الا في مسلسل "ميكروباص الجبل"..
ثوان معدودة حتى ضاقت المسافة بيني وبين الوحش القادم..
قرأت الفاتحة والمعوذتنين وتمتمت بالشهادة واقسمت الا يفارق ظلي ظله حتى يتمكن أحدنا من الأخر..
صرخت عجلات السيارة ببعض الألفاظ النابية وهى تمسك بتلابيب الأسفلت حتى استقرت امامي..
اتجهت نحو السائق وانا اردد في نفسي..
لا نجوتُ ان نجا..لا نجوتُ ان نجا..
قلت له ضاغطاً بأسناني على كل حرف: رمسيس يا عمنا..؟!
تمنيت ان يجيب بالنفي لأقطع لسان سيارته واهشم عويناتها وامزق حواجبها..
كل ذلك قبل أن يقتلني السائق بالطبع بمفتاح فك العجلات المستقر تحت قدميه..
ابتلع السائق ثورته لما وجدني احدق في عينيه متحفزاً..
وقال مستوعبا الموقف: أيوه يا عم بوند..اركب..خلينا نخلص..ادخل يا عم تالت ورا..وسع له يا حاج ياللي عالقلاب!
بادرته بالسؤال بغتة: كام أجرتك يا عمنا..!
تعمدت أن تأتي كلمة عمنا هذه مثل أفضل ممثل في مشهد بلطجية الحارة..
قال السائق بنفاد صبر: اتنين جنيه...!
فرحت كثيراً ولكنه استطرد بعد ان تكومت في مقعدي: ونص...!

***
أحمد القاضي يقول:من محطة مترو السيدة زينب الاتجاه الى شارع القصر العينى ثم نتوجه يمين فى اتجاه ميدان التحرير اول شارع بعد القصر الفرنساوى على الشمال ..
ومن محطة مترو التحرير اخر شارع القصر العينى على اليمين قبل القصر الفرنسى.
وبابتسامة خفية مثل نجوم هوليود توعد من سولت له نفسه عدم الحضور:أتمنى أن أراكم جميعا بإذن الله تعالى ..
موعدنا هناك
موعدنا هناك..
هناك..
هناك..
هناك..
نياهاهاهاهاهاهاهاه..
كحححح..كحح.كح..
هاهاهاهاه..
هاهاه..
هاه..

***
يا مراكبي يقول: الفتاة تلح علي بمناديلها الورقية مرة أخرى ..
صدرها يتحرك بحرية كلما مدت يديها ..
يزيد ذلك من هياج الشباب وكأنهم يشجعون فريقا ما في مباراة لكرة القدم ..
أنتظر موظف المطعم الذي يتلكأ ..
ألعن في سري من إخترع ذلك الكاتشاب في يوم ما ..

***
سمسم يقول : عدت الى المنزل مسرعاً لأنهى بعض الأعمال على الحاسوب..
غلاية الشاي تأن من الحر وهياج الماء داخلها..
تناولت كوباً ووضعت هذا على ذاك وقلبتهما جيداً..
أنجزت عملي..
تناولت الغذاء مع زوجتي الحبيبة..
مسقعة فائقة الجودة..
هممت أن أطرح عليها فكرة الخروج من المنزل لحضور حفل " الحياة بدون كاتشب"..بادرتني بشكوى الصداع..!!
ومثل اي زوج مثالي هرعت الى الثلاجة باحثاً عن اقراص الباندول..
فلم اجدها..
يا ربي ماذا افعل..
الوقت يتناقص..
وجهها يزداد شحوباً..
أهرول ثانية الى الثلاجة واتناول بعض قطع البطيخ خلسة منها..
ياربي لا استطيع الذهاب الى الصيدلية وانقاذها دون ان شرب قدح من الشاى بعد هذه المسقعة الرهيبة..
جلست انظر لها وهى تتلاشى امام عيني..والصداع وانا في سباق مع الزمن..
من ينتصر..
انا..
أم هي..
أم هو..
أم نتعادل في النهاية وتمر الحياة بنا هكذا خاملة بدون كاتشب..!

***
يا مركبي يقول: أعصابي لا تتحمل كل ذلك ..
أتخذ قرارا جريئا بأن أكون سلبيا ..
أتحرك بسيارتي مسرعا..
تاركا الفتاة والشباب والكاتشاب...
والكاتشاب..
والكاتشاب..
والكاتشاب..

***
سمسم يقول: جلست بائساً في صمت بالبنطلون المقلم والفانلة الحملات على سجاد الصالون على غرار الأخ سلفستر ستالوني اراقب الساعة تمر بحسرة..

***
أحمد القاضي يقول: أتمنى أن أراكم جميعا بإذن الله تعالى .. موعدنا هناك..
والله هناك..
والعشرة دول هناك..
والعيش والملح هناك..
اياك مشوفكومش هناك..
يا ويلوه اللي مش حيكون هناك..

***
الحياة تقول: إنتصر الصداع..وانتصرت الساعة..وانتصر الميكروباص..وانتصرت زوجتي..وانتصر الرائد في الهايكستب عندما رفض اعطائي الشهادة الا يوم السبت..الكل يهرول مبتهجاً متشحا بالفوز في اولمبياد رفع الضغط وتحطيم الأعصاب..
قالت لي زوجتي بعد صلاة العشاء: هو انت كنت خارج النهاردة..؟!
خرجت الكلمات تعبر عن أمل قد تبخر: ايوة كنت عاوز نحضر مع بعض حفلة الحياة بدون كاتشب..
ردت في نبرة متعجبة: طب وليه مش قولت من بدري...؟!
سمعت صوت في اعماقي يصيح: يا جاااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااي..!!
قلت لها متعجباً: وازاي أروح وامشورك وانت عندك صداع يا روح قلبي..؟!
واصلت تعجبها من سذاجتي بالقول: وايه يعني..ماهو الصداع كان حيروح في الطريق..!
احمرت اذناي وصار لهما نفس لون الكاتشب..
وتيقنت أن الحياة بيننا لن تكون إلا بالكاتشب..
و بالكاتشب وحده..
يمين بالله وحده..
والعشرة الكرام دول وحده..
انشالله يعملوني شوربة سمك وحده..
..........................................
تحديث(1): مبروك يا أحمد الف الف مبروك..وسامحني..!
تحديث(2):نسيت اقولكم اني لما دفعت اتنين جنيه ونص اجرة الميكروباص التاني..شربت بالنصف جنيه اللي وفرته -بحسب تعليمات ماي وايف - شوب عرقسوس..!

زوجتي


تقريباً حد سألني مرة عاوز فيها ايه..؟!
قلت له عاوزها عقل يمشي على قدمين..!
عاوز انسان آخر معي..
يضيف إلى فكرتي وينتقدها..
ويقبلها تارة ويرفضها اخري..!
عاوز انسان مش ملاك..
لأني انا كمان مش ملاك..
عاوز انسان عنده قدرة على المسامحة..
لأنني كثير الخطأ والنسيان..
عاوزها انثى على طبيعتها..
لا تنكسر من فرط قوامتي عليها..
ان تدرى بفطرتها كيف تسعد قلب ينشد سعادتها..
عاوزها زوجة تكمل نقصاً وترتق عيباً وتصحح خطئاً..
عاوزها عشوائية حينما امل الروتين..
صاخبة حينما امل الصمت..
باسمة حينما تحاصرني اشواك الحياة..
عاوزها متأملة حينما أمر على خاطرها..
وحين يسألها الأحفاد عني تحكي بطولات لم اصنعها..
وتضحك حينما تشعر أن ثمة رجل في الغيب يسمع حديثها باسماً...!
بس..!
.............................
تحديث : دخل ملك على أحد الحكماء وقال: صف لي مقادير الزوجة..
تأمله الحكيم قائلاً بهدوء : خذ من القمر استدارته..
ومن البحر عمقه..
ومن الامواج مدها وجزرها..
ومن النجوم لمعانها..
ومن شعاع الشمس حرارته..
ومن الندى قطراته..
ومن الريح تقلباتها وعدم ثباتها..
ومن النبات ارتجافه وارتعاشه..
ومن الورد لونه وعطره..
ومن الأزهار مخملها..
ومن الاوراق خفتها..
ومن الاغصان تمايلها..
ومن الاشجار خفيفها وانينها..
ومن النسيم لطفه ورقته..
ومن العسل طعمه وشهده..
ومن الذهب شعاعه..
ومن الالماس صلابته..
ومن الغزال شرده..
ومن المها عيونها..
ومن الارنب خجله..
ومن الطاووس زهوره وخيلاءه..
ومن الاسد قوته..
ومن الزمان غدره..
ومن الثعلب مكره..
ومن اليمامه هديلها..
ومن البغبغاء ثرثرتها..
ضع كل هذا في كأس..
وقلبه جيداً حتى يمتزج..
وانثره في وجه الصبح..
وتبسم فقد حظيت بزوجة..
قال الملك متعجباً: أي كائن هذا..؟!
قال الحكيم مبتسماً: كائن ندعوه جميعاً المرأة..!