يحكي أن

يُحكى أن

عقبة بن عامر -رضي الله عنه- كان له كاتب، وكان جيران هذا الكاتب يشربون الخمر

فقال يومًا لعقبة: إنَّ لنا جيرانًا يشربون الخمر، وسأبلغ الشرطة ليأخذوهم

فقال له عقبة: لا تفعل وعِظْهُمْ.

فقال الكاتب: إني نهيتهم فلم ينتهوا، وأنا داعٍ لهم الشرطة ليأخذوهم، فهذا أفضل عقاب لهم.

فقال له عقبة: ويحك. لا تفعل؛ فإني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

(من رأى عورة فسترها كان كمن أحيا موءودة) [أبو داود].

..................................................................

تحديــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــث

ورد بالإسناد المتصل الصحيح في كتاب المستدرك للحاكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من رأى عورة فسترها كان كمن أحيا موؤودة من قبرها" هذا الحديث الصحيح يخبرنا أن من رأى عورة لمسلم فسترها أي لم يبثها بين الناس بل أخفاها فله أجر شبيه بأجر من أحيا موؤودة أي أنقذ بنتاً مولودة دُفنت وهي حية كما كان جاهلية العرب يفعلون

فقبل أن يُبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمدة كان هذا الشيء معروفاً عند العرب والله تبارك وتعالى ذكر في القرءان الكريم تقبيح وأد البنات، قال الله عز وجل: (وإذا الموؤودة سئلت بأي ذنب قتلت) والوأد فعل شنيع ، الرسول عليه الصلاة والسلام شبه أجر هذا الذي يرى عورة لمسلم أي ما يعاب عليه ويُستحى منه أن يطلع عليه الناس فيسترها بأجر هذا الإنسان الذي رأى موؤودة فأنقذها قبل أن تختنق بالتراب وفي ذلك أجر عظيم.

هذا فيما يتعلق بالأمر الذي لا يتعدى إلى الغير أما الإنسان الذي يغش الناس في تجارته أو تدريسه لعلم الدين أو علم الدنيا أو غير ذلك من سائر فنون المعاملات ذلك واجب كشفه ولا يجوز ستره، كالذي يبيع البضائع التي فيها عيب من غير أن يبين عيبها ففرض على من علم بحاله أن يحذر الناس منه وذلك بعد أن كان نصحه ولم يرتدع

كذلك من علم أن إنساناً خائناً يعمل عند شخص يجب عليه أن يحذر صاحب العمل منه وكذلك إن اراد إنسان أن يصادق إنسان فمن علم من هذا الإنسان ضرراً أو غشاً وخيانة يجب عليه أن يكشفه ويحذره منه، يقول له : لا تصادق فلاناً فإنه لا يصلح للمصادقة ، وإن كان لا يكتفي بهذا القدر إلا أن يكشف له ما هو السبب الذي يجعله غير صالح للمصادقة يبين له، يقول له فعل كذا وكذا ثم بعد ذلك إن بقي على مصادقته فوباله عليه أما ذلك الشخص فيكون قد برأ نفسه.

غيبة المسلم في بعض المواضع تجوز وفي بعض المواضع حرام فإذا كان للتحذير فهي واجبة ، بل فرض

الرسول صلى الله عليه وسلم قال لشخص خطب فأساء الخُطبة : "بئس الخطيب أنت" مع أنه ما سب الرسول ولا انتقصه بل على زعمه كان يعظم الرسول تعظيماً بالغاً، مع ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم ما سكت له وذلك لأنه قال: من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد غوى ، الرسول انتقده لقوله : ومن يعصهما ، ما قال ومن يعص الله ورسوله ، الرسول لا يرضى أن يذكره ويذكر الله في لفظ واحد على هذا الوجه لأنه فعل لا يوافق شرع الله تعالى ، مع أن قصده تعظيم الرسول.ا ه

قال أبو داود: أما الستر المندوب إليه هنا فالمراد به الستر على ذوي الهيئات ونحوهم ممن ليس هو معروفا بالأذى والفساد , وأما المعروف بذلك فيستحب أن لا يستر عليه بل يرفع قصته إلى ولي الأمر إن لم يخف من ذلك مفسدة , لأن الستر على هذا يطمعه في الإيذاء والفساد وانتهاك المحرمات وجسارة غيره على مثل فعله .

وهذا كله في ستر معصية مضت وانقضت , أما معصية رآه عليها وهو بعد متلبس فتجب المبادرة بإنكارها عليه ومنعه منها على من قدر على ذلك فلا يحل تأخيرها , فإن عجز لزمه رفعها إلى ولي الأمر إذا لم يترتب على ذلك مفسدة . انتهى .

هذا والله تعالي اعلي واعلم