ثائر يشتكي المجلس العسكري إلى الله

1 عبرني:

tamer يقول...

" مجهول الهوية "
( 1 )
أمامي ...
يرقد ـ مسجي علي ظهره ـ
علي منضدة رخامية .
وفوق الشفاه ابتسامة خجلي ..
وفي العينين ..
نظرة زجاجية .
فلتودع الاحراز في أكياس ..
وتحفظ ..
علي الأرفف الخشبية ..
إنها ..
دبلة فضية ..
وساعة يد ...
وحافظة نقود جلدية ..
عدة أوراق ..
وبعض العملات النقدية ...
وصورة ظل قابضاً عليها ..
بيديه ..
حتي وفاته المنية ..
لصغيرة بأعوام سبع ..
تزهو بدميتها ..
وحلتها ..
وجديلة شعرها الذهبية ..
لها ذات ابتسامتك ..
ابتسامة عذبة ..
طفولية .
إن الفقيد يرتدي ..
بعض الملابس الإفرنجية ..
بنطال ازرق ..
وقميص اسود ..
ونظارة طبية ..
وسروال قطني ..
وفانلة داخلية
"صناعة مصرية "
***
تنتظرني زوجتي الآن ..
علي الغذاء ..
فلتحدثوها الآن ـ يا رفاق ـ
كي لا تظل في الهواجس ..
سابحة .
اعلم أنها اليوم ..
عكرة المزاج ..
فلقد انبئتني عن حلمها السيئ ..
البارحة ..
ناشدتني بالله ألا اخرج !!
حدثتني عن الطعام الموجود بالدار ..
عن إنني قد سددت الدين والإيجار ..
سألتني.." بالله ألا تخرج !!"
فقولوا لها كي لا يطول الانتظار
قولوا لها فها قد انتصف النهار ..
قولوا لها إن في الأمانات ..
وفوق الأرفف الخشبية ..
ترقد دبلتها الفضية ..
في الجوار
***
وأمي ..
أعطوها ساعة اليد الذهبية ..
فهي هديتها لي منذ أعوام ..
منذ الطفولة وعدتني إياها ..
وأمي منذ طفولتي تطعمني الأحلام ..
وأخيرا ..
وبعد سنوات ..
ادخرت من معاش أبي بعض الجنيهات ..
وضحت باحتياجاتها اليومية ..
وأهدتني إياها ..
حين أنهيت دراستي الجامعية !!
***
وابنتي " زهرة " ..
سلموها صورتها ..
وقولوا لها إن أباها كان رجلاً ..
حين فاجأه الموت ..
لم يجر .. ولم يهرب .
وظل يردد اسمك بابنتي ..
حتي توقفت الشفاها ..
بالأمس .. وفي العشية ..
أعطتني إياها ..
بعد أن خطت عليها اسمها ..
في الخلفية
***
( 2 )
أمامي الآن ..
بعض الأوراق ..
والتقارير الطبية ..
الجثة لشاب في العقد الرابع ..
من العمر ..
ذو بشرة خمرية ..
بجسده الواهي ..
بعض الكدمات ..
والسحجات ..
والطلقات المطاطية ..
وكسر بقاع الجمجمة ..
وبالترقوة ..
يبدو أنها قد حدثت ..
بعصي خشبية .
وثلاث رصاصات نحاسية ..
استخرجت من الصدر ..
من الناحية العلوية ..
لكن الفقيد لم يمت ..
بتلك الإصابات غير الحيوية ..
ويرجح أن سبب الوفاة الطبيعية ..
أزمة قلبية !!!!
***
(3 )
تراصت أمامي ..
الأوراق الأخيرة ..
واكتملت القضية ..
كل التقارير الطبية ..
وتقرير الصفة التشريحية ..
وأوراق النيابة العمومية ..
والورقة الختامية ..
"نصرح بدفن الفقيد إلي رحمة مولاه ..
مجهول الهوية "
***
فقولوا لهم عني إني ..
لست بمجهول للهوية ..
لست بمجهول للهوية ..