كبسولة عن العلمانية..!




توقفت عن متابعة برامج الـ ”توك توك” شو (والمصطلح ليس لي ولكني اقتبسته من كاتب مبدع) ، فلم أعد أشاهد عمرو ولا ومني ولا معتز ولا سيد ولا يسري ولا رحمي (محدش يسأل مين رحمي؟) كما توقفت عن قراءة الصحف الليبرالية التي تدعي الاستقلالية والحياد والمهنية كالمصري اليوم والشروق، واستمتعت بالحياة من وقتها، فعلاً استمتعت بالحياة، اصبحت استمع الي البي بي سي في السيارة وأعرف الأخبار فقط من مواقع اخبارية مهنية تعرض الخبر فقط بدون النفس العلماني الحارق… ولكن لأني لست قوي الإرادة بما يكفي فقد طالعت إحدي هذه الصحف، ووجدت العمل يجري علي قدم وساق لجميع التوقيعات للدستور أولاً، وبالتالي الديمقراطية ثانيا بل أخيراً، وهو أمر متوقع من النخبة التي ابتلينا بها…

في نفس الصحيفة وجدت الدعوات لجمعة الغضب الثانية والتي ستدعوا للدستور أولاً أيضاً، تذكرت ساعتها ما قرأته سابقاً عن السيد رجب طيب أردوجان عندما اشير له أن العلمانيون يشعرون بالخطر علي العلمانية في وجود شخص مثله في الحكم، فقال بطريقته المعتادة: نعم إنها في خطر، فالإسلام يتعارض مع العلمانية ووجودي خطر علي العلمانية. تلك هي الأزمة، هذه النخبة المدعاة لن تهدأ ولن تستقر حتي تتخلص من الخطر الداهم الذي يهدد وجودها وهو: الأسلاميون، لكن المشكلة الكبري وكما اشرنا كثيراً أن هذا يستدعي التخلص من الشعب نفسه، فالشعب المصري شعب متدين في معظمه والإسلام يسكن في جوارحه ويشكل ركن أساسي في شخصيته، لو كنت مكان هذه النخبة المدعاة لشعرت بأزمة حقيقية…

أنتم في خطر حقيقي فعلاً، الآن اتحدث مع بعض الشباب المنتمي للتيارات السلفية فأجده يعي الأمور السياسية بشكل مفاجئ ومدهش ويتحدث عن المرشحين وعن الديمقراطية، وعن المشاركة السياسية، ويناقشني في الدستور والمواد الفوق دستورية، ويشرح لي أهمية الإعلام، الآن هناك شباب من التيار السلفي يقرأ لنعوم تشوميسكي ويسمع لعزمي بشارة وينتقد نظرية المؤامرة ويؤمن بفكرة التدرج السياسي وقبول الآخر والتعايش السلمي معه، فعلاً انتم في خطر حقيقي، فقبل الثورة نفس هؤلاء الشباب كانوا لايهتمون ولايعرفون الكثير عن السياسة وكانوا يتحدثون كثيراً عن نظرية المؤامرة وعندما كنت أذهب للتصويت في الانتخابات قبل الثورة (رغم يأسي الكامل من نتائجها) كانوا ينظرون لي كشخص منفصل عن الواقع ويضيع وقته.

ماذا ستفعلون الآن يا أفراد نخبتنا المدعاة، أخشي أنكم تحلمون بأن يتم استفزاز هؤلاء المنتمون للتيار الإسلامي فيقوموا بأعمال عنف وتفجير، أو أن يعودوا الي الإنكفاء والتقوقع والعمل السري والانفصال عن المجتمع، أخشي ايضاً انكم تحلمون بأن يعود جهاز الأمن الوطني للتعامل معهم بشدة ويقبض عليهم ويلفق لهم القضاياً فيتم تشويه التيار كله، وتحصلون علي مقاعد مجلس الشعب والرئاسة بسهولة وتستمعوا بحكم شعبنا الرائع الطيب (الجاهل والغير مثقف كما تصفونه كذباً وبهتاناً بعد نتائج الاستفتاء)، هل تحبون هذا الوطن؟ والله الذي لاإله إلا هو لو خيرت بين تولي منصب في الحكم وبين مصلحة هذا الوطن وهذا الشعب لاخترت الوطن والشعب ومثلي معظم أبناء هذا الشعب الذي يحب وطنه ويخلص له، وستبقون أنتم وحدكم يانخبتنا المصطفاة المنتقاه الطبقة الوحيدة الواعية الفاهمة المدركة الناضجة المنظرة المرشدة المعلمة، ستبقون وحدكم تبحثون عن طريقة لتحكمونا بها، اياً كانت هذه الطريقة، تقولون لنا إن الديمقراطية هي المنقذة الوحيدة وعندما نشارككم فيها تقولون لنا أنها لاتصلح لأمثالكم، لقد تعبنا من السير خلفكم ثم التراجع معكم لذلك سألتقط انفاسي قليلاً وأجلس مع جموع الشعب الواعي هاتفاً بأعلي صوتي: “أيها السائرون فوق الثري… مالي أراكم “جبتم ورا”؟؟!!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أ/ وسام الشاذلي

0 عبرني: