سيصل..!


في الصباح لفح الهواء البارد وجهي..تدثرت أكثر بالكوفية الجديدة..
الكل يهرول الي عمله في قلب القاهرة..
بينما أناس آخرون يهرولون من جحيم القصف الذي لم ينقطع..
نحن نهرول لأجل كسب المعايش والحياة ..
وهم يهرولون من وجه الموت والصمت العربي ..
فجأة أبصرت سيارتهم تقف وهم بجوارها ..
قد علقوا يافطة كبيرة يمر بجوارها الناس بلا إكتراث..
" تبرعوا بقطرات من دمائكم لأجل الأطفال في غزة" ..
لم أشعر بنفسي إلا وأنا واقف أمامهم أفرد ذراعي عن آخرها ..
قالوا: إملأ هذا الإستبيان أولاً
قلت لهم: لا وقت..لا وقت..خذوا ما شئتم .. الأطفال يموتون ..
قال لي: ماذا تعمل..
قلت له متعجلاً: صحفي..
ثم نظرت مباشرة الى عينيه وسألته: تقسم بالله أن هذا الدم سيصل غزة ..
قال مبتسماً: نقسم لك أنه سيصل..
قلت له: هل أستطيع أن أعطره..أو ادون على الكيس عبارة إعتذار..أو أخلط معه دمعة حزن وقهر..
أطرق وقال : لا ممنوع..فقط تبرع فحسب..!
قلت بحماس: إذن هل لك أن تملأ كيسين أو ثلاثة..
قال وهو يغالب دمعة: لن تتحمل أكثر من كيس واحد..ربما تموت في نهاية الثاني..
قلت له : ولكنهم تحملوا سنتين من الحصار..وستون عاماً من الاحتلال..وأياماً من القصف المتواصل..
نزع الأبرة من ذراعي قائلاً: إطمئن..دمك سيصل الى دمائهم..وسنتصل برغم الحصار وغلق المعابر..

1 عبرني:

Jana يقول...

تخيل ان قطرات من دمك قد تجرى بعد حين بعروق شاب مجاهد يتقدم للشهادة بعد ايام...وينالها
او انها ستجرى بعروق طفل رضيع يصارع الموت فيغلبه ويتقدم للشهادة بعد سنوات ..فينالها
او انها ستجرى بعروق طفلة يُتمت وفقدت جميع اهلها وكبرت تقرر ان تنتقم يسبقها نية الاستشهاد فى سبيل الله وتصبح "دلال مغربى" أخرى.. فتنالها
فهنيئا لك ...إن اختلط دمك بدماء ذكية...تسبقك الى الجنة